فصل: تفسير الآية رقم (1):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.سورة آل عمران:

.تفسير الآية رقم (1):

{الم (1)}
وجاءت أيضاً في سور أخرى، في سورة العنكبوت، وفي سورة الروم، ولقمان، والسجدة، وزاد عليها راءً في بعض السور، وزاد عليها صاداً في بعض السور (المص) و(المر) كل ذلك جاء تأكيداً للمعاني أو تأكيداً للسر الذي وضعه الله في هذه الحروف، وإن لم نكن ندرك ذلك السر.
والإنسان ينتفع بأسرار الأشياء التي وضعها من أوجد الأشياء وإن لم يعلم هذه الأشياء فهو منتفع بها، وضربنا المثل وقلنا: إن الريفي الذي ليس عنده ثقافة في الكهرباء، أيستفيد بالكهرباء أم لا؟ إنه يستفيد بها ويحرك زر المصباح لينيره أو ليطفئه، أهو يعلم سر ذلك؟ لا، لكنه إنما انتفع به، فكذلك المؤمن حين يقول: (ألف لام ميم)، يأخذ سرها من قائلها، فهمها أم لم يفهمها، إذن فالمسألة لا تحتاج إلى أن نفلسفها، صحيح أن العقل البشري يحول حول شيء ليستأنس به، ولكن عطاء الله وحكمة العطاء فوق ما يستأنس به وفوق ما نستوحش منه.
وقول الحق سبحانه في ختام سورة البقرة: {فانصرنا عَلَى القوم الكافرين} يناسب أيضاً سورة آل عمران، لماذا؟ لأن الإسلام سيأتي ليواجه معسكر كفر ومعسكر أهل الكتاب، فحتى لا تتشقق دعوة الله التي صدرت عن الله بمواكب الرسل جميعاً الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وسلم وأن هذا جاء ليناقض شيئاً منه، إنه قد جاء ليعزز دعوة الله، ولتكون هذه الأمم التي تبعت هذه الديانات في صف الإسلام. ولذلك حينما أنكر العرب رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لهم: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} أي أن من عنده علم الكتاب يشهد أنك رسول الله. {وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} [الرعد: 43].
فكان المفروض في أهل الكتاب أنهم حينما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكونوا هم أول المؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه جاء ليؤكد موكب الإيمان ويأتي لهم بسورة يسميها آل عمران حتى يعلم الجميع أنك يا محمد لم تأتي لتهدم ديانة عيسى، ولكن لتبقى ديانة عيسى ولتؤيد ديانة عيسى، فإن كنتم يا من آمنتم بعيسى مؤمنين بعيسى فاهرعوا حالاً إلى الإيمان بمحمد؛ فقد سماها الله آل عمران، وجعل لهم سورة في القرآن.
إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تأت للعصبية، أو لتمحو ما قبلها كما تأتي عصبيات البشر حين يأتي قوم على أنقاض قوم، ويهدمون كل ما يتصل بهؤلاء القوم حتى التاريخ يمحونه، والأشياء يمسخونها؛ لأنهم يريدون أن ينشئوا تاريخاً جديداً. لا إن هذا القرآن يريد أن يصوب التاريخ، فيأتي بسورة اسمها (آل عمران) وذلك تكريم عال لهذه الديانة ولتابعيها.
وبعد ذلك يأتي الحق فيستهلها: بقوله جل شأنه: {الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم}

.تفسير الآية رقم (2):

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}
تلك هي قضية القمة، ولذلك يتكرر في القرآن التأكيد على هذه القضية، {الله لا إله إِلاَّ هُوَ}. و{الله} كما يقولون مبتدأ، و{لا إله إِلاَّ هُوَ} خبر، والمبتدأ لابد أن يكون متضحاً في الذهن، فكأن كلمة {الله} متضحة في الذهن، ولكنه يريد أن يعطي لفظ {الله} الوصف الذي يليق به وهو {لا إله إِلاَّ هُوَ}. ولذلك يقول الحق: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61].
إذن فالله متضح في أذهانهم، ولكن السلطات الزمنية أرادت أن تطمس هذا الإيضاح، فجاء القرآن ليزيل ويمحو هذا الطمس مؤكدا {الله لا إله إِلاَّ هُوَ} فهذه قضية أطلقها الحق شهادة منه لنفسه: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18].
وكفى بالله شهيداً؛ لأنها شهادة الذات للذات، وشهدت الملائكة شهادة المشهد فلم يروا أحداً آخر إلا هو، وكذلك، شهد أولو العلم الذين يأخذون من الأدلة في الكون ما يثبت صدق الملائكة ويؤكد صدق الله، فإذا ما نظرنا نظرة أخرى نقول: إن الحق أطلقها على نفسه وقال: {لا إله إِلاَّ هُوَ}؛ وجعلها كلمة التوحيد وجعل الأمر في غاية اليسر والسهولة والبساطة؛ فلم يشأ الله أن يجعل دليل الإيمان بالقوة العليا دليلاً معقداً، أو دليلاً فلسفياً، أو لا يستطيع أحد أن يصل إليه إلا أهل الثقافة العالية، لا، إن الدين مطلب للجميع؛ من راعي الشاة إلى الفيلسوف؛ إنه مطلوب للذي يكنس في الشارع كما هو مطلوب من الأستاذ الجامعي.
فيجب أن تكون قضية الإيمان في مستوى هذه العقول جميعاً؛ فلا فلسفة في هذه المسألة، لذلك شاء الحق أن يجعل هذه المسألة في منتهى البساطة فأوضح الله: أنا شهدت ألا إله إلا أنا، فإما أن يكون الأمر صدقاً وبذلك تنتهي المشكلة، وليس من حق أحد الاعتراض، وإن لم تكون صدقاً فقولوا لنا: أين الإله الآخر الذي سمع التحدي، وأخذ الله منه ذلك الكون، وقال: أنا وحدي في الكون، وأنا الذي خلقت، ثم لم نسمع رداً عليه ولا عن معارض له، ألم يدر ذلك الإله الآخر؟
إذن فذلك الآخر لا ينفع أن يكون إلهاً، فإن علم ذلك الآخر ولم يدافع عن نفسه وملكيته للكون فإنه لا يصلح أن يكون إلهاً. وتصبح القضية لله إلى أن يظهر مدع ليناقضها، ف {لا إله إِلاَّ هُوَ} كلمة حق، وبالعقل والمنطق هو إله ولم نجدً معارضاً. وقلنا سابقاً: إن الدعوى حين تُدعى ولا يوجد معارض حين نَسمعها تكون لصاحبها إلى أن يوجد المعارض. وضربنا مثلا: نحن مجتمعون في حجرة، عشرة أشخاص، وبعد ذلك انصرفوا فوجد صاحب البيت حافظة نقود، فجاء واحد متلهفا وقال: لقد ضاعت مني حافظة نقود.
فقال له صاحب البيت: وجدنا حافظة ولكن كان هنا عشرة، فلما جئ بالعشرة، وسئلوا لم يدعها أحد، إذن فهي له.
إن الله قد قال: {لا إله إِلاَّ هُوَ}، فإن كان هناك إله آخر فليظهر لنا، ولكن لا تظهر لنا إلا قوة الله {لا إله إِلاَّ هُوَ} ومادام لا إله إلا هو، وهذا الكون يحتاج إلى قيومية لتدبيره، فلابد أن يكون حيا حياة تناسبه، لأنه سيهب حيوات كثيرة لكل الأجناس، للإنسان وللحيوان وللنبات وللجماد، إذن فالذي يوجدها لابد أن يكون حياً ولابد أن تكون حياته مناسبة له.
و(قيّوم) هذه يسمونها صيغة مبالغة؛ لأنّ الحدث إذا وقع فإنه يقع مرة على صورة عادية، ومرة يقع على صورة قوية. مثلما تقول: فلان أكول، و(أكول) غير (آكل)، فكلنا نأكل، وكلنا يطلق علينا (آكل)، لكن ليس كلنا يُطلق علينا (أكول) لأن هذه اسمها صيغة مبالغة في الحدث.
وإذا كان الله هو الذي يدبر ويقوم على أمر كل عوالم الكون هل يكون قائما أو قَيُّوماً؟ لابد أن يكون قَيُّوماً. و(قيوم) معناها أيضا: قائم بذاته. فما شكل هذا القيام؟ إنه قيام أزلي كامل.
إذن فكلمة (قيّوم) صيغة مبالغة من القيام على الأمر، قائم بنفسه، قائم بذاته، ويُقيم غيره، والغير متعدد متكرر، فعندما يكون هذا الغير متعدداً ومتكرراً فهو يحتاج إلى صفة قوية في خالقه، فيكون الخالق قيّوما.
إن قوله الحق: {الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} هو سند المؤمن في كل حركات حياته، عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت: {الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} فضرب في صدري وقال: ليهنك العلمُ أبا المنذر».
وقولوا لنا بالله: حين يوجد ولد وأب، هل يحمل الولد همّا لأي مسألة من مسائل الحياة؟ لا؛ لأن الأب متكفل بها، والمثل العامي يقول: الذي له أب لا يحمل همّا، إذن فالذي له ربٌّ عليه أن يستحي؛ لأنه سبحانه يقول: أنا حيّ، وأنا قيّوم، و(قيّوم) يعني قائم بأمرك.
ويؤكد سبحانه هذه القيّومية في سورة البقرة، فقال في آية الكرسي: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ}، كأنه يقول لنا: ناموا أنتم لأنني لا أنام، وإلا فإن نمت أنت عن حراسة حركة حياتك فمن يحرسها لك؟ إنه سبحانه يتفضل علينا بقيوميته فـ: {الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم}، وما دام هو الحيّ والقيّوم فأمر منطقي أنه قائم بأمر الخلق جميعا وقد وضع لكل الخلق ما تقوم به حياتهم من مادة وصيانة مادة ومن قيم وصيانة قيم.
ومادام هو القيوم القائم بالأمر والمتولي الشئون للخلق فلابد أن يؤدي لهم مطلوبات مادتهم وما يبقيها، ومطلوبات قيمهم وما يبقيها. أما مطلوبات المادة فيقول فيها: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ} [فصلت: 10].
إنه سبحانه يطمئنا على القوت، وأما مطلوبات القيم فقال سبحانه: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ...}.

.تفسير الآية رقم (3):

{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)}
إذن فلم يعطنا سبحانه مقومات المادة فقط، ولكن أعطانا مقومات القيم أيضا؛ لأن المادة بدون قيم تكون شرسة هوجاء رعناء، فيريد الله أن يجعل المادة في مستوى إيماني. إذن لابد أن تنزل القيم. لذلك قال سبحانه: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق} و{نَزَّلَ} تفيد شيئا قد وجب عليك؛ لأن النزول معناه: شيء من أعلى ينزل، وهو يقول لك: لا تتأبى على القيم التي جاءت لك من أعلى منك؛ لأنها ليست من مساو لك، إنها من خالق الكون والبشر، والذي يمكنك أن تتأبى عليه ما يأتي ممن هو أدنى منك.
لكن حين يجيء لك التقنين ممن هو أعلى منك فلا تتأبّ عليه؛ لأن خضوعك له ليس ذلة بل عزة، فقال: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب}. وفي سياق القرآن نجده سبحانه يقول: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193].
ومرة أخرى يقول في القرآن الكريم: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: 105].
ولكن هل نزل القرآن وحده؟ لقد كان جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعني ذلك خروج القرآن عن كونه (نزل)، فجبريل عليه السلام كان ينزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: 105].
وبذلك تتساوى (أنزل) مع (نزل). وحين نأتي للحدث أي الفعل في أي وقت من الأوقات فإننا نتساءل: أهو موقوت بزمن أم غير موقوت بزمن؟ إن القرآن الكريم قد نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في ثلاثة وعشرين عاما وينزل القرآن حسب الحوادث، فكل نجم من نجوم القرآن ينزل حسب متطلبات الأحداث. ولكن الحق سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1].
والحق هنا يحدد زمنا. ولنا أن نعرف أن القرآن الذي نزل في ثلاثة وعشرين عاما هو الذي أنزله الله في ليلة القدر.
إذن فللقرآن نزولان اثنان: الأول: إنزال من (أنزل).
الآخر: تنزيل من (نَزّل).
إذن فالمقصود من قوله سبحانه: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} أن القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليباشر مهمته في الكون، وهذا ما أنزله الله في ليلة القدر.
والكتاب الكريم الذي أنزله الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ينزلُ منجما على حسب الأحداث التي تتطلب تشريعا أو إيضاحا لأمر.
لكن الكتب الأخرى لم يكن لها ذلك اللون من النزول والتنزيل، لقد نزلت مرة واحدة؛ لا حسب الأحداث والمناسبات، لقد جاءت مرة واحدة، كما نزل القرآن أولا من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
ولننظر إلى الأداء القرآني حين يقول: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل} [آل عمران: 3].
وهنا يجب أن نلتفت إلى أن الحق قال عن القرآن: (نَزَّل) وقال عن التوراة والإنجيل: (أنزل). لقد جاءت همزة التعدية وجمع سبحانه بين التوراة والإنجيل في الإنزال، وهذا يوضح لنا أن التوراة والإنجيل إنما أنزلهما الله مرة واحدة، أما القرآن الكريم فقد نَزَّله الله في ثلاث وعشرين سنة منجما ومناسباً للحوادث التي طرأت على واقع المسلمين، ومتضمنا البلاغ الشامل من يوم الخلق إلى يوم البعث.
ونَزَّل الله القرآن منجما مناسباً للأحداث، ليثبت فؤاد رسول الله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتعرض لأحداث شتى، كلما يأتي حدث يريد تثبيتا ينزل نجم من القرآن. {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان: 32].
وكان النجم من القرآن ينزل ويحفظه المؤمنون، ويعملون بهديه، ثم ينزل نجم آخر، والله سبحانه يقول: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان: 33].
فمن رحمته سبحانه وتعالى بالمسلمين أن فتح لهم المجال لأن يسألوا، وأن يستوضحوا الأمور التي تغمض عليهم.
وجعل الحق سبحانه لأعمال المؤمنين الاختيارية خلال الثلاثة والعشرين عاما فرصة ليقيموا حياتهم في ضوء منهج القرآن، وصوب لهم القرآن ما كان من خطأ وذلك يدل على أن القرآن قد فرض الجدل والمناقشة، وفرض مجيء الشيء في وقت طلبه؛ لأن الشيء إذا ما جيء به وقت طلبه فإن النفس تقبل عليه وترضى به.
ومثال ذلك في حياتنا اليومية أن الواحد منا قد يملك في منزله صندوقا للأدوية مُمتلئا بألوان شتى من الداء، ولكن عندما يصاب صاحب هذا الصندوق بقليل من الصداع فهو يبحث عن قرص أسبرين، قد لا يعرف مكانه في صندوق الدواء فيبعث في شرائه، وذلك أسهل وأوثق. والحق سبحانه قد جمع للقرآن بين (نزّل) و(أنزل) فقال: {مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفرقان...}.